كارثة الخروج الجماعي في الضاحية: ضرورة وضع خطة إخلاء مدنية
- Ali El Zein - علي الزين
- Jun 10
- 8 min read
نُشر في المفكرة القانونية : 07/06/2025
في كلّ موجة تصعيد أمنيّ من قبل العدو الإسرائيليّ، تتعرّى من جديد هشاشة النظام المدنيّ الذي يُفترض أن يحمي السكّان في لحظات الخطر. فالتهديد يأتي فقط من الجو، لكن فوضى الأرض تزيد الطين بلّة: ازدحام خانق، غياب خطّة إخلاء، وانعدام التنسيق، ما يحوّل لحظة النجاة إلى لحظة اختناق جماعي تتكرّر مرارًا.
نحن لا نعيش في ظرف استثنائي عابر، بل في واقع مستمر من المواجهة مع عدو مجرم وغادر. ومن غير المقبول بعد اليوم أن يُعامَل كل تهديد وكأنه طارئ مفاجئ. بل صار لزامًا أن نُقارب هذه الحالة كحالة دائمة تتطلّب تنظيمًا مستمرًا واستعدادًا دائمًا، ولو بالحدّ الأدنى، لتخفيف وطأة العدوان على الناس.
ينطلق هذا المقال من هذه القناعة، ليقترح مجموعة خطوط عريضة تشكّل نواة أولية لخطة مفصّلة، تستند إلى المعطيات الميدانية والدراسات، وتُترجم على الأرض عبر إجراءات ملموسة وقابلة للتنفيذ، يكون للبلديات والمجتمع المحلي فيها دور محوري.
نحو خطة إخلاء مدنية: واقع التكرار وغياب الجهوزية المؤسسية
في كل مرة يتكرّر المشهد ذاته: رسائل تحذير، موجات من الهلع، واختناقات مروريّة خانقة تعيق حركة النزوح الآمن. وما يبدو للوهلة الأولى تكرارًا مألوفًا، هو في الواقع مشهد كارثيّ يكشف عجز الدولة، وتخبّط المعنيين على الأرض، وغياب أبسط أسس التنظيم الجماعيّ في لحظة خطر داهم. مع كل تحذير مسبق، تعيش المنطقة المعنية حالةً من الذعر الجماعيّ، تخرج خلالها آلاف العائلات دفعة واحدة في طرقات ضيّقة ومكتظة، وسط عشوائيّة مقلقة في إدارة الخروج. وفي مثل هذه اللحظات، لا يكون الهمّ الفرار من القصف وحده، بل أيضًا الفوضى على الأرض. فالناس لا تحتاج فقط إلى الخروج السريع، بل إلى الخروج المنظَّم، الآمن، والموجَّه.
لهذا، لا تكفي بيانات التضامن بعد كل غارة. المطلوب اليوم هو الانتقال من ردّات الفعل إلى التخطيط الاستباقيّ. فالجاهزية لم تعدْ خيارًا، بل ضرورة. وهي لا تُختزل بالإجراءات الأمنية وحدها، بل تتجسّد في خطة مدنية متكاملة، تنطلق من الواقع الاجتماعي والجغرافي، وتُنفّذ على الأرض من قبل الجهات الأقرب إلى الناس. والمشكلة لا تقتصر على عدد السيارات وما يشكله ذلك من خطرٍ إضافيّ في حالات الإخلاء[1] أو اختناق البنية التحتيّة، بل تكمن أساسًا في غياب أيّ خطّة طوارئ أو تنظيم لحركة الخروج في لحظات الذعر.
ما نشهده هو نزوح فردي عشوائيّ، مدفوع بالخوف، ومن دون أي تنسيق، ما يجعل الطرقات نفسها مساحة خطر تهدّد حياة الناس. كيف يمكن لآلاف العائلات أن تفرّ في الوقت نفسه ومن دون وجود خطة معلنة للإخلاء، ولا تعليمات واضحة توجّه الناس في أوقات الطوارئ؟ لا وجود لمسارات مخصصة أو أولويات مرور، وضعف حضور منسّق للبلديات أو القوى الأمنية في الشوارع. وكأنّ الخطر المفترض مسبقًا لا يُعترف به رسميًا إلا بعد أن يقع وكلّ شيء يُترك للمصادفة: مَن يخرج أولًا ينجُو، ومَن يتأخر يعلق في زحمة قد تمتدّ لساعات، فضلًا عن بقاء البعض في منازلهم (إذا لم تكن من ضمن المباني المحدّدة أو القريبة جدًا) مع تفضيل تحمّل أصوات وقلق الغارات على أن يصبحوا أسرى الطرقات للخروج.
ورغم أنّ البلديات أقرب إلى الناس، إلا أن حضورها في مثل هذه اللحظات قليل. قد يكون السبب أنها لا تمتلك الموارد أو الرؤية أو الخبرة في هذا السياق. من جهة أخرى، الوزارات المعنية تتعامل مع الخطر كأنه طارئ نادر، وليس كواقع يجب الاستعداد له. لكن الواقع يؤكّد العكس: هذه الحوادث ليست استثنائية، بل تكرّرت مرارًا في السنوات الأخيرة، وفي كل مرة تكشف هشاشة النظام وانعدام الجهوزية.
لا يمكن هذا الفراغ أن يستمرّ. لذلك، من المطلوب أن ننشئ، في أسرع وقتٍ ممكن، لجنةً مختصّة تطلقها وتديرها بلديات الضاحيّة واتحادها بكونها الأقرب إلى السكان، وتعرف جغرافيتهم، وتدير شبكة الخدمات المحلية، وهي – نظريًا – المخولة الأولى إدارة الطوارئ مع ضمّ ممثلين عن وزارات الداخلية والبلديات والنقل والدفاع، أي بلديات المناطق المحيطة بها وخصوصًا الدفاع المدني والهيئات المحلية لإعداد خطة إخلاء موضّحة ومعلنة مسبقًا، لفرض إطار عملي واضح وليس مجرد إجراء استثنائي. الخطوط العريضة لهذه الخطة تتضمن:
البنى التحتية
– وضع خريطة تفصيلية للأحياء المسارات الأنسب للإخلاء في حال الغارات (مع تحديد اتجاه السير)، النقاط التي يجب تجنّبها بسبب ضيقها أو قربها من مواقع حسّاسة، مواقع التجمع المؤقتة أو المساحات المفتوحة التي يمكن الاحتماء بها. هذه الخرائط يمكن طباعتها وتوزيعها ورقيًا في الأبنية، أو مشاركتها رقميًا مع السكان. من الممكن مثلًا التفكير بتقسيم الأحياء إلى مناطق ذات أولويات خروج مختلفة، أو تخصيص مسارات معينة وفق اتّجاهات محدّدة لتفادي التكدّس، أو حتى إنشاء نقاط تجمّع مؤقتة خارج مناطق الخطر تُعلن عبر وسائل الإعلام والتطبيقات المحلية.
– إنشاء نقاط تجمّع موزّعة حسب الأحياء: بدلاً من خروج الجميع إلى الطرقات في الوقت نفسه، يمكن للبلديات بالتعاون مع المدارس أو المواقف الكبيرة (مهجورة أو خاصة)، أن تحدد نقاط تجمّع آمنة مؤقتة، موزعة جغرافيًا، حيث يتوجه إليها السكان سيرًا على الأقدام أولاً، ثم تُنقل العائلات لاحقًا ضمن دفعات منسّقة إذا لزم الأمر. هذه النقاط قد تُجهّز بحدٍّ أدنى من المرافق (ماء، مقاعد، بطانيّات) وتُستخدم أيضًا كمراكز مؤقتة في حال تهدّم الأبنية أو قطع الطرق. غالبًا ما تكون المساجد والحسينيات والكنائس مهيّأة لاستقبال الناس، وتتمتّع ببنية تحتية لا بأس بها. يمكن استخدامها كمحطات تجمّع وإيواء مؤقتة، بعد تنسيق مسبق مع الهيئات الدينيّة. كما يمكن تدريب القائمين عليها على إدارة الحشود وتوزيع الموارد.
– وضع خريطة للطرقات ومخارج الطوارئ تُحدّد فيها الطرق ذات السعة الأعلى للخروج، تحديد النقاط الأكثر عرضة للازدحام والمواقع البديلة الممكن فتحها وقت الطوارئ (مثل ممرّات بين أبنية، مواقف خاصة، مسارات بسير معاكس،…). البلديات تمتلك خرائط عقارية مفصلة، لكنها لا تُستخدم في إدارة الأزمات. يمكن تحويل هذه الأصول إلى أدوات حيّة.
التنسيق
– التنسيق مع البلديات المحيطة لتحديد مسارات الخروج الموصي بها حسب كل حيّ أو شارع كما اختيار نقاط تجمّع آمنة مؤقّتة خارج نطاق الاستهداف وتحديد أدوار واضحة للبلديّات والقوى الأمنيّة في توجيه السير وإدارة الحشود.
– إنشاء فرق طوارئ بلديّة متطوّعة: كلّ بلدية تستطيع تشكيل فريق من الشباب المتطوعين يتلقّون تدريبًا بسيطًا على توجيه السير داخل الأحياء كما مساعدة الأشخاص غير القادرين على التحرك السريع والتنسيق مع قوى الأمن والإسعاف على الأرض. يمكن تزويد هؤلاء المتطوعين بسترات مميزة وأجهزة تواصل بسيطة لتأدية مهامهم.
– تقليل الفوضى على الطرقات عبر إدارة المفارق: في لحظات الذعر، تكون المفارق الرئيسية هي النقاط الأضعف. يكفي وجود عنصرين من البلدية أو الدفاع المدني عند كلّ تقاطع رئيسي لتنظيم التدفق ومنع الانسداد. حتى إشارات مرور محمولة تعمل على البطاريات أو لوحات يدوية يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا.
السكان
– تنظيم تدريبات دورية مع السكان مرة أولى وثم مرة كل شهر أو كل فصل، يتم فيها تنفيذ “تجربة إخلاء” تشمل محاكاة خروج جماعيّ من الأبنية، التجمع، الخروج من المنطقة والمسارات المتبعة كما نقاط التجمع وتسجيل الصعوبات والحالات الاستثنائية الواردة. هذه التدريبات ليست رفاهية، بل ضرورة لتقليل الذعر وتحسين الاستجابة الجماعية.
– فتح قنوات اتصال مباشرة مع السكان عبر إنشاء مجموعات تواصل رسميّة على واتساب أو تطبيقات مشابهة، تدار من قبل البلدية، يتمّ عبرها: إرسال تنبيهات فورية عند الخطر، إعطاء تعليمات آنيّة حول المسارات الآمنة، نشر تحديثات لحظة بلحظة، … والفائدة الأساسيّة لهكذا تدبير أنه يساهم في تعويض غياب صفارات الإنذار ويشكلّ بديلا منطقيا وآمنا عن إطلاق النار في الهواء تحذيرا للناس. أيضًا، بدل الاقتصار على الإرشادات الارتجالية، يمكن إصدار كتيّب بسيط، بصيغة إلكترونية وورقية، يُوزّع على المنازل ويشمل: تعليمات ما قبل المغادرة، ما يجب حمله (أدوية، أوراق رسمية، مصباح، ماء…)، كيفية التصرّف إن كانت الطرق مقطوعة أو مكتظة، أرقام هواتف الطوارئ المحلية (بلدية، دفاع مدني، فرق تطوع)، ….
– إنشاء مركز بيانات للسكّان المعرّضين للخطر عبر إحصاء (غير علنيّ) لكبار السن، غير القادرين على الحركة، ذوي الاحتياجات الخاصة، الأشخاص الوحيدين في المنزل، الأطفال، الحوامل، …. عبر هذه القاعدة، يمكن وضع خطط تدخل خاص لمرافقة هؤلاء أو إرسال فرق إليهم عند الحاجة.
– من الخطوات المهمة والتي يجب ذكرها مثلًا: تحديد مسبق لعدد السيارات القادرة على الخروج عبر إحصاء أولي مسبق لعدد السيّارات وملكيتها وأماكن تواجدها كما قدرتها الاستيعابية ونسبة امتلائها. يتمّ بعدها وضع “كثافة” السيارات على خريطة وبالتالي، عند الخطر أو اللزوم، يمكن إعطاء الإرشادات وتنظيم عملية خروج السكّان بالاستعانة بهذا التقدير لحجم السير المحتمل.
– كما يجب أيضًا إطلاق حملات تشجيع على المشاركة في وسائل النقل الجماعي أو المركبات التشاركية في لحظات الطوارئ. هذا النوع من التدبير لا يتطلّب ميزانيات كبيرة، بل تغييرًا في الذهنية وتعزيزًا للثقة بين السكان. ومن المهم أيضًا، أن تترافق كل الخطة مع التشديد على نقطتين بما خصّ التنقل بالسيارات للخروج: إعطاء أولوية للأطفال وكبار السن وتنظيم حمولات جماعية لتقليل عدد السيارات.
في جميع هذه الخطوات يجب التعاون مع لجان المباني أو مختاري الأحياء لتنظيم عملية الإخلاء بشكل مبسط على مستوى كل مبنى.
في القرى: الاستفادة من الترابط والبساطة لتجنّب الفوضى
في القرى، يختلف المشهد تمامًا عن المدن الكبرى. عدد السكّان أقلّ، الشبكات الطرقية أبسط، والبنى التحتية أضعف أحيانًا، لكنها في المقابل تتيح مجالًا أوسع للتنظيم الاجتماعيّ السريع. فالرّوابط العائليّة والجيرة المباشرة أكثر حضورًا، والمعرفة الدقيقة بالجغرافيا المحليّة تتيح مسارات بديلة لا تتوفّر في المدن. في حالات القصف أو التهديدات الأمنية، لا يجب التعامل مع القرى وكأنّها خارج نطاق الخطر أو أن ضعف الكثافة السكانيّة كافٍ بحدّ ذاته. بل المطلوب هو اعتماد خطّة طوارئ خفيفة وفعّالة تتكيّف مع الطبيعة الريفيّة، وتشمل ما يأتي:
– تعيين منسّق طوارئ لكل حيّ أو مجموعة بيوت، يكون معروفًا من الجميع ويتولّى التواصل مع البلدية أو المختار لإعطاء التعليمات عند الخطر.
– تحديد نقاط تجمّع واضحة (مثل ساحة الكنيسة، مركز البلدية، الملعب، إلخ)، تكون معروفة وميسّرة للجميع، لتجنّب تفرّق العائلات وخروجهم بشكل عشوائي.
– الاتفاق المسبق بين العائلات على وسائل النقل الجماعيّ، خصوصا أن عدد السيارات الخاصة قد يكون محدودًا. يمكن لكل عائلة أن تُسجّل من يمكنه المساعدة في نقل الآخرين عند الحاجة.
– الاستفادة من الطرق الفرعية كنقاط هروب بديلة، على أن تُحدَّد مسبقًا وتُصان دوريًا، ولو بالحد الأدنى، لتكون صالحة وقت الضرورة.
– تخصيص مبنى واحد على الأقل كمركز إيواء طارئ (مدرسة، مبنى بلدي، بيت بلدي قديم…) مع إعداد بسيط يشمل مصابيح، مياه، أدوية أولية.
وأهمّ ما يمكن الاستفادة منه في القرى هو السرعة في نقل المعلومة: إذ يكفي أن يُعلم مختار أو رجل دين أو رئيس جمعية محليّة بخطر وشيك ليتمّ إبلاغ الناس خلال دقائق، عبر علاقات مباشرة أو عبر مكبّرات الصوت أو حتى شبكات التواصل الاجتماعي. القرى لا تحتاج لنماذج معقدة، بل لخريطة ذكيّة مبنيّة على الثقة والعلاقات المباشرة، يُفعَّل فيها التضامن الفعلي بدل الاعتماد على إجراءات بيروقراطية بعيدة. وما قد يبدو ضعفًا من ناحية البنى التحتية يمكن تحويله إلى قوة مجتمعية إذا ما تمّ العمل على الأرض بوعي وتنظيم محلي هادف.
بين الناس أيضًا
أيضًا، عند قصور الدولة والبلديات، من المهم اتخاذ مبادرات حمائية غير رسمية. وهذا ما أثبتته تجارب في أكثر من مناسبة. إلّا أن التعويل على التضامن المجتمعي لا يكفي وحده، بل يجب تحويل هذا التعاضد الشعبي إلى آلية شبه مؤسساتية. مثلًا، يمكن لكل مبنى أن ينظّم نفسه من الداخل: من يمتلك سيارة؟ من ينقل كبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة؟ من يعرف طريقًا فرعيًا لا يعرفه الآخرون؟ من يمكنه المساعدة في حال وقوع إصابة أثناء الإخلاء؟ كما أن التوعية تلعب دورًا أساسيًا. فالذعر يضاعف الخطر، والمعلومات المضلّلة قد تفتح مساراتٍ مزدحمة بدل أن توجّه نحو النجاة. المطلوب هو ثقافة تعامل جماعيّ مع الطارئ، لا تعامل فرديّ انعكاسي. تجارب الشعوب في أوقات الكوارث أثبتتْ أن البنية الاجتماعية حين تكون منظّمة على مستوى صغير، يمكنها أن تصمد أكثر من البنية الرسمية الهشة. التنسيق بين الجيران، توزيع الأدوار، الاتفاق على خطة خروج جماعية، كلّها أدوات بسيطة لكنها فعّالة، وقد تكون كفيلة بتخفيف وطأة الكارثة.
أخيرًا، من المهمّ أن تترابط هذه الخطط التي لها بعد محلي مع خطة أوسع لها بعد وطني وهي تمثل خطّة لتنظيم اخلاء ضخم، في حال اعتداءات أوسع، لمناطق بكاملها، كما حصل في أيلول الماضي من الجنوب أو بعدها في الضاحية أو البقاع، والتي تم طرحها في مقال سابق.[2]
ختامًا
في الختام، من الواضح أن المشهد الكارثي لن يتغيّر ما لم يحصل تحوّل على مستويين: الأول مؤسساتي، تُقرّ فيه الدولة بأنّ الخطر قائم، وتبدأ بالتعامل معه بجدّية عبر خطط واضحة وتجهيزات ميدانيّة واقعيّة. والثاني مجتمعيّ، يُعيد فيه الناس تعريف “الخروج الآمن” كفعل جماعيّ، منسّق، وليس كمجرّد ردّة فعل فرديّة. إنّ ما يحصل اليوم هو تكرار لنفس الأخطاء، بنفس النتائج، مع نفس الضحايا. وحدها المقاربة الجديدة، التي توفّق بين التخطيط الرسمي والمبادرة الشعبية، يمكن أن تغيّر هذا الواقع. فالناس بحاجة لمن يُنظّم قدرتها على النجاة.
ثقافة الوقاية تبدأ من الأرض لذا نحتاج إلى مقاربة جديدة تفترض أن الخطر لن يختفي، وأن الناس ستحتاج للهرب مرة أخرى، وربما مرات. لا يمكن لكل موجة غارات أن تكون مناسبة لتجريب البديهة. النجاة ليست فقط شأنًا أمنيًا، بل شأنًا بلديًا وتنظيميًا أولًا. في ظل التحديات، يبقى التنظيم هو خط الدفاع الأول. والمفتاح في يد البلديات.
ما الذي يمنع كل هذا؟ لا شيء، سوى القرار. البلديات ليست بحاجة إلى ميزانيّات ضخمة، بل إلى إدارة فعالّة، ومبادرة، وتنسيق. جزء كبير من هذه الخطوات يمكن تنفيذه بأدوات موجودة أساسًا، أو بتطوّع السكان. وفي ظل غياب الدولة المركزية في الأزمات، فإن البلديات لا تملك ترف الانتظار. إما أن تتحمّل مسؤوليتها، أو تحمّل وزر الكوارث للناس.
Comments